أم عمارة بنت كعب المازنية ، الأنصارية رضي الله عنها
شخصية فذة متميزة ...
ومثال رفيع من غير تمثال ولانصب !!
حية في قلوب المؤمنين
وشعلة تتوقد
كلما حاولت الكتابة عنها ، واستقراء صفحات سفر حياتها ،
شعرت بالرهبة والخشوع ، وصغار وتفاهة يلفان كياني.
سيدتي أم عمارة...
بكل الإجلال
والحب أستميحك العذر في الولوج إلى محرابك ، لأحاول متواضعًا أن أنقل إلى بناتنا
وأخواتنا وزوجاتنا وأمهاتنا صورا من إيمانك ..من جهادك ..، من أمومتك..، دروسا
وعبرًا ، هن ونحن –بأمس الحاجة إليها ، في زمن اختلطت فيه الحقائق بالأباطيل
،ونقلبت المقاييس ،وتاهت الأبصار والبصائر، وطاشت العقول ..، فلا ندري كيف نسير
وإلى ذروة الصراط المستقيم ..، صراط الذين انعم الله عليهم ، برحمة منه سبحانه.
ليس هناك واحد من أبنائها يدعى عمارة حتى تكنى به ،
ولكنه لقب غلب عليها واشتهرت به .
كانت في ريعان الصبا وفتوة الشباب ، وحديثة عهد بزواج ، يوم
شرفت وسعدت بلقاء النبي صلى الله عليه وسلم في جوف الليل عند العقبة من منى ، مع
وفد الأنصار ..، أسلموا جميعا وأسلمت ، وبايعوا جميعا وبايعت ، وكانت معها أخت لها
أم منيع ، بايعت هي أيضا.
روى الواقدي عن ابن أبي صعصعة عن أم عمارة قالت :
((كانت الرجال تصفق على يدي رسول الله صلى الله عليه
وسلم ليلة العقبة ، والعباس آخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما بقيت أنا
وأم منبع نادى زوجي عربة بن عمرو : يا رسول الله هاتان امرأتان حضرتا معنا يبايعنك
...،فقال : قد بيعتهما على مابيعتكم عليه..، إني لا أصافح النساء ))
ونصوص بيعة العقبة هي القاعدة الاولى والأساس الذي قام
عليه التحول الكبير في تاريخ الدعوة ، من الجهاد السلبي إلى الجهاد الإيجابي ، من
الصبر على الأذى ، والثبات على المبدأ ، والتحمل إلى مناجزة الشرك و الكفر مناجزة لا تعرف الهوادة ، ولا تعرف
المساومة ولا الهوان ولا الاستكانة
جهاد لايتوقف عند حدود السيف و الرمح وساحات الوغى ، بل
يتعدها جميعا إلى جهاد الفساد والانحراف، إلى جهاد بناء الذات والمجتمع .
كانت أم عمارة –رضي الله عنها – قد تشبعت روح الإيمان
والإسلام يوم كان الداعية الاول مصعب بن عمير –رضي الله عنه- ينشر الإسلام في يثرب
، من غير كلل ولا ملل ، بالكلمات الواعية الهادئة ، والحجة الدامغة ، والمنطق
العذب ،بالحكمة والموعظة الحسنة.
سأله النبي صلى
الله عليه وسلم : كيف تركت المدينة ؟
قال : تركتها وليس فيها بيت إلا وفيه ذكر اسم محمد صلى
الله عليه وسلم –سواء آمن أهل هذا البيت ودخلوا دين الله ، أو شغلهم الحديث عن
الدين الحنيف الجديد ، فكان محور لقاءاتهم ومادة اجتماعاتهم وتحاورهم.